بسم الله الرحمن الرحيم
س : تكلم عن مفهوم العرضة الأخيرة للقرآن ، وما ورد من أقوال للعلماء حول هذه المسألة وأثر ذلك . مستدلا بالروايات الثابتة في هذه المسألة .
ج : الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فأولًا : مفهوم العرضة الأخيرة للقرآن
س : تكلم عن مفهوم العرضة الأخيرة للقرآن ، وما ورد من أقوال للعلماء حول هذه المسألة وأثر ذلك . مستدلا بالروايات الثابتة في هذه المسألة .
ج : الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فأولًا : مفهوم العرضة الأخيرة للقرآن
.العرضة لغةً : "اسم مَرَّة مشتق من الْعَرْضِ الَّذِي يُخَالِفُ الطُّولَ ، تقول عَرُضَ الشَّيْءُ يَعْرُضُ عِرَضًا ، فَهُوَ عَرِيضٌ . وَمِنْ ذَلِكَ عَرْضُ الْجُنْدِ: أَنْ تُمِرَّهُمْ عَلَيْكَ ، فالعرضة إمرار للشيء بأساليب معينة"[1] .
واصطلاحًا : "تلاوة القرآن كاملًا على شيخ ، وهو أحد أنواع التحمل والأخذ على المشايخ"[2] . ومنه قول مجاهد "عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عَرَضَاتٍ"[3] .
والأخيرة لغةً : "خلاف المتقدمة ، والأخيرة تدل على أنه مسبوقة بمرات متعددة" [4]. ومفهوم العرضة الأخيرة اصطلاحًا : هي تلاوة النبي – عليه الصلاة والسلام – للقرآن كاملًا (إلا قليلا) ، على جبريل – عليه السلام - ، وكان ذلك في رمضان من السنة العاشرة للهجرة ، أي قبل وفاة النبي – عليه الصلاة والسلام – بشهور ، ولهذا سميت بالأخيرة"[5] . والمعارضة لغةً من المفاعلة ، عارض الشيء بالشيء أي قابله وسايره ، وفلان يعارضني أي يباريني . واصطلاحًا : "مدارسةُ جبريل – عليه السلام – القرآنَ الكريمَ للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – كل عام في رمضان"[6]. قال الحافظ ابن حجر : "والمعارضة مفاعلة من الجانبين ، كأن كُلًّا منهما كان تارةً يقرأ والآخر يستمع قوله"[7] .
وأضاف ابن كثير فائدة مهمة فقال : "والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة : مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله – تعالى - ؛ ليبقي ما بقي ، ويذهب ما نسخ توكيدًا ، أو استثباتًا وحفظًا"[8] .
واصطلاحًا : "تلاوة القرآن كاملًا على شيخ ، وهو أحد أنواع التحمل والأخذ على المشايخ"[2] . ومنه قول مجاهد "عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عَرَضَاتٍ"[3] .
والأخيرة لغةً : "خلاف المتقدمة ، والأخيرة تدل على أنه مسبوقة بمرات متعددة" [4]. ومفهوم العرضة الأخيرة اصطلاحًا : هي تلاوة النبي – عليه الصلاة والسلام – للقرآن كاملًا (إلا قليلا) ، على جبريل – عليه السلام - ، وكان ذلك في رمضان من السنة العاشرة للهجرة ، أي قبل وفاة النبي – عليه الصلاة والسلام – بشهور ، ولهذا سميت بالأخيرة"[5] . والمعارضة لغةً من المفاعلة ، عارض الشيء بالشيء أي قابله وسايره ، وفلان يعارضني أي يباريني . واصطلاحًا : "مدارسةُ جبريل – عليه السلام – القرآنَ الكريمَ للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – كل عام في رمضان"[6]. قال الحافظ ابن حجر : "والمعارضة مفاعلة من الجانبين ، كأن كُلًّا منهما كان تارةً يقرأ والآخر يستمع قوله"[7] .
وأضاف ابن كثير فائدة مهمة فقال : "والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة : مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله – تعالى - ؛ ليبقي ما بقي ، ويذهب ما نسخ توكيدًا ، أو استثباتًا وحفظًا"[8] .
والأدلة على العرضة الأخيرة كثيرة ، نقتطف منها :
1-عن عائشة عن فاطمة – رضي الله عنهما – قالت : "أسَرَّ إليَّ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - : "أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين ، ولا أُرَاهُ إلا حَضَر أجلي"[9] .
2-عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : "أي القراءتين كانت أخيرًا قراءة عبد الله (ابن مسعود) ، أو قراءة زيد (ابن ثابت) ؟ قال : قلنا : قراءة زيد ، قال لا ، إن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – كان يعرض القرآن على جبريل كل عام مرة ، فلما كان في العام الذي قُبِضَ فيه عرضه عليه مرتين ، وكانت آخر القراءة قراءة عبد الله" [10].
ثانيًا : وما ورد من أقوال للعلماء حول هذه المسألة .
قال ابن الجزري : " أجمع الصحابة على كتابة القرآن العظيم على العرضة الأخيرة التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عام قبض، وعلى ما أنزل الله تعالى دون ما أذن فيه، وعلى ما صح مستفاضا عن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره إذ لك تكن الأحرف السبعة واجبة على الأمة، وإنما كان ذلك جائزا لهم مرخصا فيه، وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه. قالوا: فلما رأى الصحابة أن الأمة تتفرق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على ضلالة، ولم يكن في ذلك ترك واجب ولا فعل محظور. قلت: فكتبوا المصاحف على لفظ لغة قريش والعرضة الأخيرة، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم واستفاض دون ما كان قبل ذلك مما كان بطريق الشذوذ والآحاد من زيادة، وإبدال وتقديم وتأخير وغير ذلك، وجردوا المصاحف عن النقط والشكل لتحتمله صورة ما بقي من الأحرف السبعة كالإمالة والتفخيم والإدغام والهمز والحركات وأضداد ذلك مما هو في باقي الأحرف السبعة غير لغة قريش، وكالغيب والجمع والتثنية، وغير ذلك من أضداده مما تحتمله العرضة الأخيرة إذ هو موجودة في لغة قريش وفي غيرها، ووجهوا بها إلى الأمصار، فأجمع الناس عليها، وسيجيئ في الباب السادس من كلام المهدوي، وغيره ما يحقق لك ذلك"[11] .
قال السيوطي : "ولقد كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة ، كانوا يقرءون القراءة العامة ، وهي القراءة التي قرأها رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه ، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة ، وكان يقرئ الناس بها حتى مات ؛ ولهذا اعتمده الصديق في جمعه ، وولاه عثمان كتابة المصحف"[12] .
قال د.شعبان محمد إسماعيل : " وخير ما قيل في معنى جمع "عثمان" الناس على حرف واحد: هو جمعهم على ما تواتر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستقر في العرضة الأخيرة، ولم تنسخ تلاوته، وهو يمثل بالنسبة للقراءات الكثيرة التي كان الناس يقرءون بها حرفا واحدا، بدليل أنه -رضي الله عنه- أمر بإحراق المصاحف المختلفة التي كان يكتبها الصحابة لأنفسهم، لما فيها من أحرف بعضها قد نسخ، وبعضها كان تفسيرا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت من بين الأسباب التي جعلت الناس يختلفون في القراءة قبل نسخ "عثمان" للمصاحف"[13] .
ومن دلائل العرضة الأخيرة : "أن طريقة الإقراء والتعلم لهذا الكتاب مبنية على المنهجية النبوية ، وهي العرض على مُجِيدٍ للقراءة ، ماهر بالأحكام ، ويزداد وثوقًا للحفظ ، وتزداد الحاجة للمعارضة بحسب حاجة الطالب ، ولذلك من معاني تكرار المعارضة في العام الذي توفي فيه رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – التأكيد والاستثبات من المحفوظ ، قال العيني "لا بد أن يكون لحفظة القرآن معارضة سنوية على مشايخهم ، ويزداد عدد المعارضة بحسب حال الطالب واحتياجه لذلك" "[14] .
ثالثًا : أثر العرضة الأخيرة .
1-لقد كان للعرضة الأخيرة بالغ الأثر في نسخ كثير من الآيات ، نسخ رسمها وبقي حكمها[15] ، نحو آية الأحزاب[16] ((الشَّيْخُ والشَّيْخَةُ إذا زَنَيَا فارجموهما أَلبتة[17] نكالًا من الله والله عزيز حكيم[18])) ، أو نسخ رسمها وحكمها معًا[19] نحو الآية : ((عَشْرُ رَضَعَاتٍ معلوماتٍ يُحَرِّمْنَ)) ثم نسختها الآية ((خَمْسُ رضعاتٍ معلوماتٍ يُحَرِّمْنَ)) ثم نسخ رسمها وبقي حكمها[20] ، أو نسخ رسمها برسم آخر بمعنى مشابه للرسم المنسوخ كما في آية الجمعة : ((فامضُوا إلى ذكر الله)) هكذا قرأها ابن مسعود[21] ، نسخها قوله – تبارك وتعالى - : ((فاسعَوْا إلى ذكر الله)) (الجمعة 9) ، ولا يعرف الناسخ من المنسوخ[22] إلا من خلال العرضة الأخيرة ، التي عرضها النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – على جبريل – عليه السلام – في السنة العاشرة من الهجرة ، أي قبل موت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بشهور .
2-ترتب على العرضة الأخيرة نشوء طريقتين مختلفتين في جمع القرآن الكريم ، الطريقة الأولى ، هي طريقة أبي بكر الصديق - ، والثانية طريقة عثمان – رضي الله عنهما – ، ويختلف جمع القرآن في عصر أبي بكر – رضي الله عنه – عن جمع القرآن في عصر عثمان – رضي الله عنه – بأمور كثيرة ، أبرزها أن جمع أبي بكر كان بناء على عرضات كثيرة للقرآن الكريم ، ولم يكتف بالعرضة الأخيرة ، بَيْدَ أن جمع عثمان اكتفى بالعرضة الأخيرة ، وإليكم بعض نقاط الاختلاف بين جمع أبي بكر وجمع عثمان – رضي الله عنهما - :
هذا ، وبالله التوفيق ، والله أعلم . وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآلأه وصحبه أجمعين .
[1] معجم مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 269 ، 270) بتصرف .
[2] معجم المصطلحات في علمي التجويد والقراءات ص 75 ، ومعجم علوم القرآن للجرمي (192) عن رسالة العرضة الأخيرة ، دلالتها وأثرها د.ناصر بن سعد القثامي 15 : 17) بتصرف .
[3] أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 559) والحاكم (2/ 307) وغيرهما .
[4] مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 70) بتصرف .
[5] العرضة الأخيرة دلالتها وأثرها (35 ، 36) بتصرف .
[6] المرشد الوجيز لأبي شامة (35) والنشر لابن الجزري (1/ 45) عن المرجع السابق .
[7] فتح الباري (9/ 44) .
[8] تفسير القرآن العظيم (1/ 51) .
[9] البخاري (6/ 229) .
[10] أحمد في مسنده (1/ 275) والحاكم (2/ 250) وغيرهما وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط وفريقه في تحقيق المسند .
[11] منجد المقرئين ومرشد الطالبين (23) .
[12] أسرار ترتيب القرآن (11) .
[13] رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (23) .
[14] عمدة القاري للعيني (1/ 76) عن العرضة الأخيرة دلالتها وأثرها (47) .
[15] قال الزركشي : (فيعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول) فجعل شرط العمل به أن يكون مجمعا عليه . وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُنَادِي فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ مِمَّا رُفِعَ رَسْمُهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُرْفَعْ مِنَ الْقُلُوبِ حِفْظُهُ سُورَتَا الْقُنُوتِ فِي الْوَتْرِ قَالَ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمَاضِينَ وَالْغَابِرِينَ أَنَّهُمَا مَكْتُوبَتَانِ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَنَّهُ ذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقْرَأَهُ إِيَّاهُمَا وَتُسَمَّى سُورَتَيِ الْخَلْعِ وَالْحَفْدِ . هُنَا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي رَفْعِ التِّلَاوَةِ مَعَ بقاء الحكم؟ وهلا أبقيت التِّلَاوَةُ لِيَجْتَمِعَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهَا وَثَوَابُ تِلَاوَتِهَا؟ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْفُنُونِ (ابن الجوزي ت 597 هـ رحمه الله) فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِيَظْهَرَ بِهِ مِقْدَارُ طَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْمُسَارَعَةِ إِلَى بَذْلِ النُّفُوسِ بِطَرِيقِ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ لِطَلَبِ طَرِيقٍ مَقْطُوعٍ بِهِ فَيُسْرِعُونَ بِأَيْسَرِ شَيْءٍ كَمَا سَارَعَ الْخَلِيلُ إِلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ بِمَنَامٍ وَالْمَنَامُ أَدْنَى طُرُقِ الْوَحْيِ. انظر البرهان (2/ 35 ، 37) .
[16] وقد كانت سورة الأحزاب كالبقرة أو أطول كما قال أبَيُّ بن كعب . صحيح ، رواه عبد الرزاق في المصنف (5990) (3/ 365) وأحمد في المسند (21207) (35/ 134) وغيرهما ، وانظر الصحيحة للعلامة الألباني – ت 1420 هـ رحمه الله – (6/ 975 ، 976) .
[17] يجوز فيها الوجهان : بهمزة قطع مفتوحة وصلا وابتداءً (سماعًا) ، أو بهمزة وصل تسقط وصلا (قياسًا) ، وتفتح ابتداءً . انظر التصريحِ بمضمونِ التوضيحِ للشيخ خالد لأزهريّ (1 /506) (صرح بالوجهين) ، والفتح لابن حجر (7/ 483) نقل القطع عن الكرماني ورجح الوصل ، ومعجمُ الأخطاءِ الشائعةِ للأستاذ محمد العدناني ص33 (ذكر فيها ثلاثة أقوال : الأول : قطع الهمزةِ ، ونسبه لصاحب اللباب (الإسفرائيني ، ووافقه صاحب العباب نقره كار). الثاني : وصل الهمزةِ ، ونسبه للخليل وسيبويه وابن السِّكِّيت والجوهري وغيرهم (واختاره شيخنا د.حميتو – حفظه الله -) . الثالث : جواز الوجهينِ: ونسبه للزبيدي والآلوسي الكبير وغيرهما. ولم يرجّح قولاً منها ". قلت "وقد رُوِّينَا أحاديث بالقطع وأخرى بالوصل" . والله أعلم .
[18] وردت هذه الآية هكذا كما روى عبد الرزاق وأحمد وغيرهما (كما في الهامش السابق) ، ووردت بلفظ آخر : «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ» . حسن ، رواه النسائي في الكبرى (7109) (6/ 407) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3344) (6/ 123) وغيرهما ، وانظر الصحيحة للعلامة الألباني (6/ 976 ، 977) . ووقع في بعض الروايات : " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ ...وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" . رواه الضياء في المختارة (1166) (3/ 371) فلعله تصحيف من بعض الرواة ، وانظر الفتح لابن حجر (12/ 143) .
[19] وهذا القسم فيه خلاف طويل ، خلاصته ثلاثة أقوال : الأول نفاه مطلقًا كما ذكر القاضي أبو بكر الباقِلَّاني عن قوم إنكاره لاستحالة نسخ القرآن بأخبار الآحاد . والثاني أثبته وأثبت حفظ بعض هذه الآيات كما اختار الواحدي وجعل منه ما روي عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نَقْرَأُ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ (بكم) . صحيح ، رواه أحمد عن عمر (1/ 451) (391) والبزار (1/ 299) (194) وغيرهما ، وهذا المذهب هو الراجح عندي لصحة الآثار الواردة في ذلك . والثالث أثبته ونفى وجود أمثلته لتنسية الله إياه ورفعه من أوهام الصحابة وأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكَتْبه فِي الْمُصْحَفِ فَيَنْدَرِسَ عَلَى الْأَيَّامِ كَسَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولى. صحف إبراهيم وموسى}. البرهان للزركشي (2/ 40) .
[20] ذهب الشافعية والحنابلة (في الصحيح عنهم) إلى أن خمس رضعات مشبعات يحرمن ، ولا تحريم فيما سوى ذلك ، وذهب الحنفية والمالكية والحنابلة في رواية إلى ثبوت التحريم بقليل الرضاع وكثيره ، ولو مَصَّةً واحدةً . الموسوعة الفقهية الكويتية (22/ 244) ، وفتاوى الشبكة الإسلامية (149607) . هداية اللطيف إلى طرق نافع العشرة من كتاب التعريف - إسماعيل بن إبراهيم الشرقاوي .
[21] لابن مسعود – رضي الله عنه – قراءتان ، الأولى : ثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – موافقة للعرضة الأخيرة ، والأخرى شاذة ، وهذه "فامضوا" من الشاذ أو من قبيل القراءة التفسيرية . زاد المسير (4/ 283) ، والسبب في ذلك أنه كان يقرأ بعض الآيات كما تلقاها من النبي – صلى الله عليه وسلم – ويعلمها طلابه ، ولكن شاء الله أن يحضر عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – العرضة الأخيرة التي عرضها النبي – صلى الله عليه وسلم – ويعرف الناسخ والمنسوخ ويرجع إلى آخر ما نزل ، كما روى الطحاوي في شرح مُشْكِل الآثار (3120) (8/ 138) والطبراني (12602) (12/ 103) وغيرهما وصححه ابن الجزري في النشر (1/ 32) .
وأما رفض عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء – رضي الله عنهما - الالتزام ببعض الحروف كما روى البخاري عن أبي الدرداء أنه سئل كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ؟ فقال : وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى ، قَالَ: «مَا زَالَ بِي هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَسْتَنْزِلُونِني عَنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . البخاري (3743) (5/ 25) ومسلم (824) (1/ 566) ، فإن ذلك محمول على ما قبل العرضة الأخيرة .
ومن العلماء من لُبَّس عليه الأمر كالإمام أبي بكر ابن العربي – ت 543 هـ رحمه الله – (انظر : (العواصم 281 : 284) ، تحقيق د. عمار الطالبي ، مكتبة دار التراث ، 1417 / 1997م) فظن بالعكس ؛ ظن أن ابن مسعود – رضي الله عنه - قد قرأ بحروف أقره عليها النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل العرضة الأخيرة ثم بعد ذلك قرأ بالحروف المنسوخة ، ورفض الالتزام بمصحف زيد – رضي الله عنه - ، وروى في ذلك آثارًا لا ندري مدى صحتها ، ومهما يكن من أمرٍ فإن الأمة قد أجمعت على قبول ما وافق المصحف الإمام من قراءات ابن مسعود – رضي الله عنه - ، كما أجمعوا على تشذيذ ما خالف به ابن مسعود المصحف الإمام ، وعلماء الصحابة بشر لهم حق الاجتهاد ، فإن اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران ، وإن اجتهدوا وأخطؤوا فلهم أجر ، رضي الله عنهم أجمعين .
وصدق النبي – صلى الله عليه وسلم – : " «اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ» . البخاري (3806) (5/ 36) ومسلم (2464) (4/ 1913) ، وقال : «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» . صحيح ، رواه ابن ماجه (138) (1/ 49) والطيالسي (332) (1/ 261) وغيرهما ، وهذا يضع أيدينا على الخيط الذهبي لبيان شيء من معنى الاختيار لدى بعض القراء ؛ فإن بعضهم تلاميذ ابن مسعود (وهو إمام أهل الكوفة في القراءة والفقه) قرؤوا عليه وتفرقوا وأقرؤوا الناس بذلك ، حتى تناهت قراءتهم إلى بعض القراء المشاهير فأسقطوا هذه الأحرف الشاذة المخالفة لرسم المصحف الإمام أو انفرد بها بعض شيوخهم رغم صحة إسنادها ؛ فلزمهم بذلك أن يتركوها ويتبعوا غيرها مما صح إسناده وكثر رواته الثقات ووافق رسم المصحف ، ووافق العربية ولو من وجه ، والله أعلم .
[22] وهو ثلاثة أنواع نسخ الرسم وبقاء الحكم ، ونسخ الرسم والحكم ، ونسخ الحكم وبقاء الرسم ، ولم أتعرض لذكر هذا الأخير ؛ لثبوت رسمه في المصحف ، وَقد وقع فِي ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سُورَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ منكم ويذرون أزواجا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ...} (الآية 240 البقرة) . نسختها الأولى : ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)) (الآية 234 البقرة) ، قال ابْنُ الزُّبَيْرِ (عبد الله) قُلْتُ: لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى ، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ» . رواه البخاري (4530) (6/ 29) . وانظر البرهان للزركشي (2/ 37) . ويأخذ هذا النوع من المنسوخ نفس حكم الناسخ من الأحكام كالثواب وحرمة مسه أو قراءته للجنب ... إلخ ، وتعبدنا الله بتلاوته لبيان فضله وتخفيفه على الأمة ، ولمواكبة أحداث الوحي وبيان تدرجه ، ولإدراك شيء يسير من حكمته – سبحانه وتعالى - ، وهناك تقسيمات وتفريعات أخرى يمكنك متابعتها في صفحة الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء : أصول الفقه / النسخ / نسخ القرآن بالقرآن / الحكمة في رفعه التلاوة مع بقاء الحكم ( للمنسوخ) / الفصل السابع / أنواع النسخ في القرآن .
1-عن عائشة عن فاطمة – رضي الله عنهما – قالت : "أسَرَّ إليَّ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - : "أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين ، ولا أُرَاهُ إلا حَضَر أجلي"[9] .
2-عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : "أي القراءتين كانت أخيرًا قراءة عبد الله (ابن مسعود) ، أو قراءة زيد (ابن ثابت) ؟ قال : قلنا : قراءة زيد ، قال لا ، إن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – كان يعرض القرآن على جبريل كل عام مرة ، فلما كان في العام الذي قُبِضَ فيه عرضه عليه مرتين ، وكانت آخر القراءة قراءة عبد الله" [10].
ثانيًا : وما ورد من أقوال للعلماء حول هذه المسألة .
قال ابن الجزري : " أجمع الصحابة على كتابة القرآن العظيم على العرضة الأخيرة التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عام قبض، وعلى ما أنزل الله تعالى دون ما أذن فيه، وعلى ما صح مستفاضا عن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره إذ لك تكن الأحرف السبعة واجبة على الأمة، وإنما كان ذلك جائزا لهم مرخصا فيه، وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه. قالوا: فلما رأى الصحابة أن الأمة تتفرق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على ضلالة، ولم يكن في ذلك ترك واجب ولا فعل محظور. قلت: فكتبوا المصاحف على لفظ لغة قريش والعرضة الأخيرة، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم واستفاض دون ما كان قبل ذلك مما كان بطريق الشذوذ والآحاد من زيادة، وإبدال وتقديم وتأخير وغير ذلك، وجردوا المصاحف عن النقط والشكل لتحتمله صورة ما بقي من الأحرف السبعة كالإمالة والتفخيم والإدغام والهمز والحركات وأضداد ذلك مما هو في باقي الأحرف السبعة غير لغة قريش، وكالغيب والجمع والتثنية، وغير ذلك من أضداده مما تحتمله العرضة الأخيرة إذ هو موجودة في لغة قريش وفي غيرها، ووجهوا بها إلى الأمصار، فأجمع الناس عليها، وسيجيئ في الباب السادس من كلام المهدوي، وغيره ما يحقق لك ذلك"[11] .
قال السيوطي : "ولقد كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة ، كانوا يقرءون القراءة العامة ، وهي القراءة التي قرأها رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه ، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة ، وكان يقرئ الناس بها حتى مات ؛ ولهذا اعتمده الصديق في جمعه ، وولاه عثمان كتابة المصحف"[12] .
قال د.شعبان محمد إسماعيل : " وخير ما قيل في معنى جمع "عثمان" الناس على حرف واحد: هو جمعهم على ما تواتر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستقر في العرضة الأخيرة، ولم تنسخ تلاوته، وهو يمثل بالنسبة للقراءات الكثيرة التي كان الناس يقرءون بها حرفا واحدا، بدليل أنه -رضي الله عنه- أمر بإحراق المصاحف المختلفة التي كان يكتبها الصحابة لأنفسهم، لما فيها من أحرف بعضها قد نسخ، وبعضها كان تفسيرا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت من بين الأسباب التي جعلت الناس يختلفون في القراءة قبل نسخ "عثمان" للمصاحف"[13] .
ومن دلائل العرضة الأخيرة : "أن طريقة الإقراء والتعلم لهذا الكتاب مبنية على المنهجية النبوية ، وهي العرض على مُجِيدٍ للقراءة ، ماهر بالأحكام ، ويزداد وثوقًا للحفظ ، وتزداد الحاجة للمعارضة بحسب حاجة الطالب ، ولذلك من معاني تكرار المعارضة في العام الذي توفي فيه رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – التأكيد والاستثبات من المحفوظ ، قال العيني "لا بد أن يكون لحفظة القرآن معارضة سنوية على مشايخهم ، ويزداد عدد المعارضة بحسب حال الطالب واحتياجه لذلك" "[14] .
ثالثًا : أثر العرضة الأخيرة .
1-لقد كان للعرضة الأخيرة بالغ الأثر في نسخ كثير من الآيات ، نسخ رسمها وبقي حكمها[15] ، نحو آية الأحزاب[16] ((الشَّيْخُ والشَّيْخَةُ إذا زَنَيَا فارجموهما أَلبتة[17] نكالًا من الله والله عزيز حكيم[18])) ، أو نسخ رسمها وحكمها معًا[19] نحو الآية : ((عَشْرُ رَضَعَاتٍ معلوماتٍ يُحَرِّمْنَ)) ثم نسختها الآية ((خَمْسُ رضعاتٍ معلوماتٍ يُحَرِّمْنَ)) ثم نسخ رسمها وبقي حكمها[20] ، أو نسخ رسمها برسم آخر بمعنى مشابه للرسم المنسوخ كما في آية الجمعة : ((فامضُوا إلى ذكر الله)) هكذا قرأها ابن مسعود[21] ، نسخها قوله – تبارك وتعالى - : ((فاسعَوْا إلى ذكر الله)) (الجمعة 9) ، ولا يعرف الناسخ من المنسوخ[22] إلا من خلال العرضة الأخيرة ، التي عرضها النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – على جبريل – عليه السلام – في السنة العاشرة من الهجرة ، أي قبل موت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بشهور .
2-ترتب على العرضة الأخيرة نشوء طريقتين مختلفتين في جمع القرآن الكريم ، الطريقة الأولى ، هي طريقة أبي بكر الصديق - ، والثانية طريقة عثمان – رضي الله عنهما – ، ويختلف جمع القرآن في عصر أبي بكر – رضي الله عنه – عن جمع القرآن في عصر عثمان – رضي الله عنه – بأمور كثيرة ، أبرزها أن جمع أبي بكر كان بناء على عرضات كثيرة للقرآن الكريم ، ولم يكتف بالعرضة الأخيرة ، بَيْدَ أن جمع عثمان اكتفى بالعرضة الأخيرة ، وإليكم بعض نقاط الاختلاف بين جمع أبي بكر وجمع عثمان – رضي الله عنهما - :
وجه
المقارنة
|
الجمع في عصر أبي بكر رضي الله عنه
|
الجمع في عصر عثمان رضي الله عنه
|
بعد معركة اليمامة 12 هـ
|
بعد فتح أرمينية وأذربيجان 25 هـ
|
|
2-الباعث
|
الخوف على القرآن عمومًا من الضياع
|
الخوف على المسلمين من الفتنة
|
عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أشار بذلك على أبي بكر – رضي الله عنه -
؛ لأن القتل استحر بالمسلمين في اليمامة ، وكاد حفاظ القرآن أن ينتهوا ، ولم
يوافق أبو بكر في البداية حتى أقنعه عمر ، فاستدعى أبو بكر زيد بن ثابت ، فلم
يوافق زيد في البداية حتى أقنعه أبو بكر .
|
حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – أشار بذلك على عثمان بن عفان – رضي
الله عنه - ؛ لأن المسلمين (في فتح أرمينية وأذربيجان) كادوا يقتتلون أو يكفر
بعضهم بعضًا بسبب اختلافهم في القراءة ، فكلٌّ منهم يرى قراءته على صواب ، ويخطئ
قراءة أخيه .
|
|
قام زيد بتتبع
القرآن من اللخاف والعسيب والرقاع ... واشترط على كل آية محفوظة في الصدور
ومكتوبة في السطور شاهدين على كتابتها بين يدي النبي – عليه السلام – فجمع الناسخ والمنسوخ بالعرضة الأخيرة
|
قام زيد ولجنة المصحف بنسخ الصحف الأولى التي كانت على عهد أبي بكر مع إهمال المنسوخ بالعرضة الأخيرة ، وقال إذا اختلفتم
في شيء فاكتبوه بلسان قريش ، فنسخوه إلى ستة مصاحف تتناسب قراءة كل منها مع لغة
البلد التي سيرسلونه إليها ، وأمر بإحراق ما سواه إلا مصحف أبي بكر
|
|
يحتمل الأحرف السبعة
معًا ويزيد عليها ببعض الآيات المنسوخة بالعرضة الأخيرة
|
كل
مصحف من المصاحف الستة في غالبه يحتمل بعض الأحرف ، ولكنه لا يحتمل الأحرف
السبعة معًا ، والمصاحف الستة في مجملها توافق ما جاءت
به العرضة الأخيرة ولا تعدو ما فيها
|
|
مصحف واحد ، نسخه بعض المسلمين وأضافوا عليه بعض القراءات التفسيرية ،
وانتهى أمره إلى حفصة ثم ابن عمر ثم أحرقه مروان بن الحكم درءًا للفتنة
|
ثمانية مصاحف : خمسة
متفق عليها : المدني العام ، والمدني الخاص ، والبصري ، والكوفي ، والشامي ، واختلف
في المكي واليمني والبحريني ، وأرسل مع كل مصحف قارئًا ؛ ليعلم الناس القراءة
الصحيحة
|
هذا ، وبالله التوفيق ، والله أعلم . وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآلأه وصحبه أجمعين .
[1] معجم مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 269 ، 270) بتصرف .
[2] معجم المصطلحات في علمي التجويد والقراءات ص 75 ، ومعجم علوم القرآن للجرمي (192) عن رسالة العرضة الأخيرة ، دلالتها وأثرها د.ناصر بن سعد القثامي 15 : 17) بتصرف .
[3] أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 559) والحاكم (2/ 307) وغيرهما .
[4] مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 70) بتصرف .
[5] العرضة الأخيرة دلالتها وأثرها (35 ، 36) بتصرف .
[6] المرشد الوجيز لأبي شامة (35) والنشر لابن الجزري (1/ 45) عن المرجع السابق .
[7] فتح الباري (9/ 44) .
[8] تفسير القرآن العظيم (1/ 51) .
[9] البخاري (6/ 229) .
[10] أحمد في مسنده (1/ 275) والحاكم (2/ 250) وغيرهما وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط وفريقه في تحقيق المسند .
[11] منجد المقرئين ومرشد الطالبين (23) .
[12] أسرار ترتيب القرآن (11) .
[13] رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (23) .
[14] عمدة القاري للعيني (1/ 76) عن العرضة الأخيرة دلالتها وأثرها (47) .
[15] قال الزركشي : (فيعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول) فجعل شرط العمل به أن يكون مجمعا عليه . وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُنَادِي فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ مِمَّا رُفِعَ رَسْمُهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُرْفَعْ مِنَ الْقُلُوبِ حِفْظُهُ سُورَتَا الْقُنُوتِ فِي الْوَتْرِ قَالَ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمَاضِينَ وَالْغَابِرِينَ أَنَّهُمَا مَكْتُوبَتَانِ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَنَّهُ ذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقْرَأَهُ إِيَّاهُمَا وَتُسَمَّى سُورَتَيِ الْخَلْعِ وَالْحَفْدِ . هُنَا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي رَفْعِ التِّلَاوَةِ مَعَ بقاء الحكم؟ وهلا أبقيت التِّلَاوَةُ لِيَجْتَمِعَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهَا وَثَوَابُ تِلَاوَتِهَا؟ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْفُنُونِ (ابن الجوزي ت 597 هـ رحمه الله) فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِيَظْهَرَ بِهِ مِقْدَارُ طَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْمُسَارَعَةِ إِلَى بَذْلِ النُّفُوسِ بِطَرِيقِ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ لِطَلَبِ طَرِيقٍ مَقْطُوعٍ بِهِ فَيُسْرِعُونَ بِأَيْسَرِ شَيْءٍ كَمَا سَارَعَ الْخَلِيلُ إِلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ بِمَنَامٍ وَالْمَنَامُ أَدْنَى طُرُقِ الْوَحْيِ. انظر البرهان (2/ 35 ، 37) .
[16] وقد كانت سورة الأحزاب كالبقرة أو أطول كما قال أبَيُّ بن كعب . صحيح ، رواه عبد الرزاق في المصنف (5990) (3/ 365) وأحمد في المسند (21207) (35/ 134) وغيرهما ، وانظر الصحيحة للعلامة الألباني – ت 1420 هـ رحمه الله – (6/ 975 ، 976) .
[17] يجوز فيها الوجهان : بهمزة قطع مفتوحة وصلا وابتداءً (سماعًا) ، أو بهمزة وصل تسقط وصلا (قياسًا) ، وتفتح ابتداءً . انظر التصريحِ بمضمونِ التوضيحِ للشيخ خالد لأزهريّ (1 /506) (صرح بالوجهين) ، والفتح لابن حجر (7/ 483) نقل القطع عن الكرماني ورجح الوصل ، ومعجمُ الأخطاءِ الشائعةِ للأستاذ محمد العدناني ص33 (ذكر فيها ثلاثة أقوال : الأول : قطع الهمزةِ ، ونسبه لصاحب اللباب (الإسفرائيني ، ووافقه صاحب العباب نقره كار). الثاني : وصل الهمزةِ ، ونسبه للخليل وسيبويه وابن السِّكِّيت والجوهري وغيرهم (واختاره شيخنا د.حميتو – حفظه الله -) . الثالث : جواز الوجهينِ: ونسبه للزبيدي والآلوسي الكبير وغيرهما. ولم يرجّح قولاً منها ". قلت "وقد رُوِّينَا أحاديث بالقطع وأخرى بالوصل" . والله أعلم .
[18] وردت هذه الآية هكذا كما روى عبد الرزاق وأحمد وغيرهما (كما في الهامش السابق) ، ووردت بلفظ آخر : «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ» . حسن ، رواه النسائي في الكبرى (7109) (6/ 407) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3344) (6/ 123) وغيرهما ، وانظر الصحيحة للعلامة الألباني (6/ 976 ، 977) . ووقع في بعض الروايات : " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ ...وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" . رواه الضياء في المختارة (1166) (3/ 371) فلعله تصحيف من بعض الرواة ، وانظر الفتح لابن حجر (12/ 143) .
[19] وهذا القسم فيه خلاف طويل ، خلاصته ثلاثة أقوال : الأول نفاه مطلقًا كما ذكر القاضي أبو بكر الباقِلَّاني عن قوم إنكاره لاستحالة نسخ القرآن بأخبار الآحاد . والثاني أثبته وأثبت حفظ بعض هذه الآيات كما اختار الواحدي وجعل منه ما روي عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نَقْرَأُ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ (بكم) . صحيح ، رواه أحمد عن عمر (1/ 451) (391) والبزار (1/ 299) (194) وغيرهما ، وهذا المذهب هو الراجح عندي لصحة الآثار الواردة في ذلك . والثالث أثبته ونفى وجود أمثلته لتنسية الله إياه ورفعه من أوهام الصحابة وأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكَتْبه فِي الْمُصْحَفِ فَيَنْدَرِسَ عَلَى الْأَيَّامِ كَسَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولى. صحف إبراهيم وموسى}. البرهان للزركشي (2/ 40) .
[20] ذهب الشافعية والحنابلة (في الصحيح عنهم) إلى أن خمس رضعات مشبعات يحرمن ، ولا تحريم فيما سوى ذلك ، وذهب الحنفية والمالكية والحنابلة في رواية إلى ثبوت التحريم بقليل الرضاع وكثيره ، ولو مَصَّةً واحدةً . الموسوعة الفقهية الكويتية (22/ 244) ، وفتاوى الشبكة الإسلامية (149607) . هداية اللطيف إلى طرق نافع العشرة من كتاب التعريف - إسماعيل بن إبراهيم الشرقاوي .
[21] لابن مسعود – رضي الله عنه – قراءتان ، الأولى : ثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – موافقة للعرضة الأخيرة ، والأخرى شاذة ، وهذه "فامضوا" من الشاذ أو من قبيل القراءة التفسيرية . زاد المسير (4/ 283) ، والسبب في ذلك أنه كان يقرأ بعض الآيات كما تلقاها من النبي – صلى الله عليه وسلم – ويعلمها طلابه ، ولكن شاء الله أن يحضر عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – العرضة الأخيرة التي عرضها النبي – صلى الله عليه وسلم – ويعرف الناسخ والمنسوخ ويرجع إلى آخر ما نزل ، كما روى الطحاوي في شرح مُشْكِل الآثار (3120) (8/ 138) والطبراني (12602) (12/ 103) وغيرهما وصححه ابن الجزري في النشر (1/ 32) .
وأما رفض عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء – رضي الله عنهما - الالتزام ببعض الحروف كما روى البخاري عن أبي الدرداء أنه سئل كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ؟ فقال : وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى ، قَالَ: «مَا زَالَ بِي هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا يَسْتَنْزِلُونِني عَنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . البخاري (3743) (5/ 25) ومسلم (824) (1/ 566) ، فإن ذلك محمول على ما قبل العرضة الأخيرة .
ومن العلماء من لُبَّس عليه الأمر كالإمام أبي بكر ابن العربي – ت 543 هـ رحمه الله – (انظر : (العواصم 281 : 284) ، تحقيق د. عمار الطالبي ، مكتبة دار التراث ، 1417 / 1997م) فظن بالعكس ؛ ظن أن ابن مسعود – رضي الله عنه - قد قرأ بحروف أقره عليها النبي – صلى الله عليه وسلم – قبل العرضة الأخيرة ثم بعد ذلك قرأ بالحروف المنسوخة ، ورفض الالتزام بمصحف زيد – رضي الله عنه - ، وروى في ذلك آثارًا لا ندري مدى صحتها ، ومهما يكن من أمرٍ فإن الأمة قد أجمعت على قبول ما وافق المصحف الإمام من قراءات ابن مسعود – رضي الله عنه - ، كما أجمعوا على تشذيذ ما خالف به ابن مسعود المصحف الإمام ، وعلماء الصحابة بشر لهم حق الاجتهاد ، فإن اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران ، وإن اجتهدوا وأخطؤوا فلهم أجر ، رضي الله عنهم أجمعين .
وصدق النبي – صلى الله عليه وسلم – : " «اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ» . البخاري (3806) (5/ 36) ومسلم (2464) (4/ 1913) ، وقال : «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» . صحيح ، رواه ابن ماجه (138) (1/ 49) والطيالسي (332) (1/ 261) وغيرهما ، وهذا يضع أيدينا على الخيط الذهبي لبيان شيء من معنى الاختيار لدى بعض القراء ؛ فإن بعضهم تلاميذ ابن مسعود (وهو إمام أهل الكوفة في القراءة والفقه) قرؤوا عليه وتفرقوا وأقرؤوا الناس بذلك ، حتى تناهت قراءتهم إلى بعض القراء المشاهير فأسقطوا هذه الأحرف الشاذة المخالفة لرسم المصحف الإمام أو انفرد بها بعض شيوخهم رغم صحة إسنادها ؛ فلزمهم بذلك أن يتركوها ويتبعوا غيرها مما صح إسناده وكثر رواته الثقات ووافق رسم المصحف ، ووافق العربية ولو من وجه ، والله أعلم .
[22] وهو ثلاثة أنواع نسخ الرسم وبقاء الحكم ، ونسخ الرسم والحكم ، ونسخ الحكم وبقاء الرسم ، ولم أتعرض لذكر هذا الأخير ؛ لثبوت رسمه في المصحف ، وَقد وقع فِي ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سُورَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ منكم ويذرون أزواجا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ...} (الآية 240 البقرة) . نسختها الأولى : ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)) (الآية 234 البقرة) ، قال ابْنُ الزُّبَيْرِ (عبد الله) قُلْتُ: لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى ، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ» . رواه البخاري (4530) (6/ 29) . وانظر البرهان للزركشي (2/ 37) . ويأخذ هذا النوع من المنسوخ نفس حكم الناسخ من الأحكام كالثواب وحرمة مسه أو قراءته للجنب ... إلخ ، وتعبدنا الله بتلاوته لبيان فضله وتخفيفه على الأمة ، ولمواكبة أحداث الوحي وبيان تدرجه ، ولإدراك شيء يسير من حكمته – سبحانه وتعالى - ، وهناك تقسيمات وتفريعات أخرى يمكنك متابعتها في صفحة الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء : أصول الفقه / النسخ / نسخ القرآن بالقرآن / الحكمة في رفعه التلاوة مع بقاء الحكم ( للمنسوخ) / الفصل السابع / أنواع النسخ في القرآن .
ليست هناك تعليقات: