بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية
س 79 : هل الأحرف السبعة هي القراءات السبعة ؟
ج 79 : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية
س 79 : هل الأحرف السبعة هي القراءات السبعة ؟
ج 79 : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فنقول - وبالله التوفيق – إن القراءة بخلاف الحرف ، فالقراءة هي اختيار من بعض الأئمة لكيفية قراءة حروف الخلاف القرآنية ، ويشترط في صحة هذا الاختيار ثلاثة شروط : 1-موافقة وجه من وجوه النحو واللغة العربية . 2-موافقة رسم المصحف العثماني ولو احتمالا . 3-صحة الإسناد من لدن الإمام القارئ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذه الشروط اتفقت الأمة عليها ونقلها الإمام ابن جزري في مقدمة كتابه النشر (ص 9 : 11) ، واختصره في نظم الطيبة (الأبيات 14 : 16) قائلا :فكل ما وافق وجه نحو ... وكان للرسم احتمالا يحويوصح إسنادًا هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركانوحيثما يختلَّ ركن أثبتِ ... شذوذَه لو أنه في السبعةوبناءً على ما تقدم نقول : إن القول بأن القراءات السبع هي الأحرف السبعة غير صحيح تمامًا ، ولعل سبب هذا الإيهام كتاب السبعة في القراءات للإمام أبي بكر ابن مجاهد (ت 324 هـ) - وهو أول من سبع القراءات - ، وما تبعه من كتب كالتيسير للإمام أبي عمرو الداني (ت 444 هـ) ، واختصاره (حرز الأماني ووجه التهاني) للإمام أبي القاسم الشاطبي (ت 590 هـ) ، وهذه الكتب كانت سببًا بارزًا في اشتهار القراءات السبعة ، ومن أجل هذا أنكر بعض العلماء على الإمام ابن مجاهد تسبيعه القراءات ، فقالوا لو اختار ثمان قراءات أو أكثر أو أقل من سبعة ما أوقع الناس في هذا الإيهام ؛ لأن كل قراءة متواترة تشتمل على حرف أو أحرف من الأحرف السبعة ، فيكون مجموع القراءات العشر المتواترة مشتملا على الأحرف السبعة ، وهذا بحث قمت به لبيان معنى الأحرف السبعة ، وأدرجته في كتابي خلاصة ورش ، أرجو أن تتكرموا بمطالعته ، وجزاكم الله خيرا :
عن عمر بن الخطاب – (ت 23 هـ رضي الله عنه) - قال :
سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَأَنِيهَا وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ – سورة الفرقان - عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا فَقَالَ لِي أَرْسِلْهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْرَأْ فَقَرَأَ قَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ لِي اقْرَأْ فَقَرَأْتُ فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ . (1) ومن خلال هذا الحديث يتبين لك أيها القارئ الكريم أن العلة من تعدد القراءات التخفيف على هذه الأمة المباركة .
وقد اختلف العلماء في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً، نقلها السيوطي - (ت 911 هـ) رحمه الله - (2) وأجود الأقوال قول الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي – (ت 454 هـ) رحمه الله - ، وهو "أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَخْرُجُ اخْتِلَافُهُ عَنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ (وقد رتبتها هكذا تسهيلا للحفظ) :
(الْأَوَّلُ) وُجُوهُ الْإِعْرَابِ، كما في قوله – تعالى - : ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)) [المائدة : 7] . (3)
(الثَّانِي) اخْتِلَافُ الْأَسْمَاءِ مِنَ الْإِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَالْمُبَالَغَةِ وَغَيْرِهَا ، كما في قوله – تعالى - : ((وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)) [المومنون : 8] .(4)
(الثَّالِثُ) اخْتِلَافُ تَصْرِيفِ الْأَفْعَالِ وَمَا يُسْنَدُ إِلَيْهِ مِنْ نَحْوِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَالْأَمْرِ وَالْإِسْنَادِ إِلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِه ِ، كما في قوله – تعالى - : ((فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا)) [سبأ : 19] . (5)
(الرَّابِعُ) اخْتِلَافُ اللُّغَاتِ مِنْ فَتْحٍ وَإِمَالَةٍ وَتَرْقِيقٍ وَتَفْخِيمٍ وَتَحْقِيقٍ وَتَسْهِيلٍ وَإِدْغَامٍ وَإِظْهَارٍ، وَنَحْوِ ذَلِك َ. (6)
(الْخَامِسُ) الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ ، كما في قوله - تعالى - : ((فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )) [الشورى : 28] . (7)
(السَّادِسُ) التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ ، كما في قوله - تعالى - : ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ)) [التوبة : 112] . (8)
(السَّابِعُ) الْقَلْبُ وَالْإِبْدَالُ فِي كَلِمَةٍ بِأُخْرَى ، وَفِي حَرْفٍ بِآخَرَ ، كما في قوله - تعالى - : ((وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا)) . [البقرة : 258] . (9)
وقد أشرت إلى هذه السبعة بقولي :
إِعْرَابُ اسْمٍ ، تَصْرِيفُ لُغَةِ أَفْعَالْ ... زِيَادَةُ نَقْصٍ تَرْتِيبُ قَلْبِ إِبْدَالْ (10)
ونقول إن أصحاب القراءات العشر (المتضمنة للأحرف السبعة) اشتهروا بهذه القراءات فقط ، فهي ليست من تأليفهم ، وإنما كانوا يختارون هذه الطرق الأدائية بناءً على ما تلقوه من شيوخهم عن النبي – ت 11 هـ صلى الله عليه وسلم - ، وهم قراء عشرة لأمصار خمسة :
(المدينة ومكة والبصرة والشام والكوفة)
المدنيان (نافع ت 169 هـ وأبوجعفر ت 130هـ) ،
والمكي (ابن كثير ت 120 هـ) ،
والبصريان (أبو عمرو ت 154 هـ ويعقوب ت 205 هـ) ،
والشامي (ابن عامر ت 118 هـ) ،
والكوفيون (عاصم ت 127 هـ وحمزة ت 156 هـ والكسائي ت 189 هـ وخلف العاشر ت 229 هـ) ، ولكل قارئ تلاميذ كثيرون ، لكن أفضلهم وأتقنهم راويان (عن القارئ بواسطة أوبغير واسطة) ، فيكون مجموع الروايات عشرين عند المشارقة ، واثنين وعشرين عند المغاربة ، كما سأوضح لك الآن بإذن الله في بيان الرواة .
رواة القراءات العشر هم :
1-قالون ت 220 هـ وورش ت 197 هـ عن نافع .
هذا هو المشهور لدى المشارقة ، لكن بعد البحث والتحقيق ظهر لنا أن هناك راوِيَيْنِ متقنين آخَرَيْن للإمام نافع ، يقرأ بهما بعض المغاربة بالأسانيد الصحيحة المتصلة ، وقد توافرت فيهما شروط القراءة الصحيحة بل والمتواترة ، إلا أنهما لم يأخذا حظهما من الشهرة كقالون وورش (11) ، وهما إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني (130 – 180 هـ رحمه الله) (12) ، وإسحاق بن محمد المُسَيَّبي المدني (ت 206 هـ رحمه الله) (13) .
2-ابن وردان ت 160 هـ وابن جماز ت 170 هـ عن أبي جعفر .
3-البزي ت 250 هـ وقنبل ت 291 هـ عن ابن كثير .
4-الدوري ت 246 هـ والسوسي ت 261 هـ عن أبي عمرو .
5-رويس ت 238 هـ ورَوْحٌ ت 235 هـ عن يعقوب .
6-هشام ت 245 هـ وابن ذَكْوَانَ ت 242 هـ عن ابن عامر .
7-شعبة ت 193 هـ وحفص ت 180 هـ عن عاصم .
8-خلف ت 229 هـ وخلاد ت 220 هـ عن حمزة .
9-أبو الحارث ت 240 هـ والدوري ت 246 هـ عن الكسائي .
10-إسحاق ت 286 هـ وإدريس ت 292 هـ عن خلف العاشر.
كما يمكننا أن نقسمهم تقسيمًا آخر ؛ فنقول : الابنان (ابن كثير وابن عامر) ، والأبوان (أبو عمرو وأبو جعفر) (14) ، والكوفيون (عاصم وحمزة والكسائي وخلف العاشر) والْعَيْنَانُ (نافع ويعقوب) (15) ، والله أعلم .
عن عمر بن الخطاب – (ت 23 هـ رضي الله عنه) - قال :
سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَأَنِيهَا وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ – سورة الفرقان - عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا فَقَالَ لِي أَرْسِلْهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْرَأْ فَقَرَأَ قَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ لِي اقْرَأْ فَقَرَأْتُ فَقَالَ هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ . (1) ومن خلال هذا الحديث يتبين لك أيها القارئ الكريم أن العلة من تعدد القراءات التخفيف على هذه الأمة المباركة .
وقد اختلف العلماء في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً، نقلها السيوطي - (ت 911 هـ) رحمه الله - (2) وأجود الأقوال قول الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي – (ت 454 هـ) رحمه الله - ، وهو "أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَخْرُجُ اخْتِلَافُهُ عَنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ (وقد رتبتها هكذا تسهيلا للحفظ) :
(الْأَوَّلُ) وُجُوهُ الْإِعْرَابِ، كما في قوله – تعالى - : ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)) [المائدة : 7] . (3)
(الثَّانِي) اخْتِلَافُ الْأَسْمَاءِ مِنَ الْإِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَالْمُبَالَغَةِ وَغَيْرِهَا ، كما في قوله – تعالى - : ((وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)) [المومنون : 8] .(4)
(الثَّالِثُ) اخْتِلَافُ تَصْرِيفِ الْأَفْعَالِ وَمَا يُسْنَدُ إِلَيْهِ مِنْ نَحْوِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَالْأَمْرِ وَالْإِسْنَادِ إِلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِه ِ، كما في قوله – تعالى - : ((فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا)) [سبأ : 19] . (5)
(الرَّابِعُ) اخْتِلَافُ اللُّغَاتِ مِنْ فَتْحٍ وَإِمَالَةٍ وَتَرْقِيقٍ وَتَفْخِيمٍ وَتَحْقِيقٍ وَتَسْهِيلٍ وَإِدْغَامٍ وَإِظْهَارٍ، وَنَحْوِ ذَلِك َ. (6)
(الْخَامِسُ) الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ ، كما في قوله - تعالى - : ((فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )) [الشورى : 28] . (7)
(السَّادِسُ) التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ ، كما في قوله - تعالى - : ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ)) [التوبة : 112] . (8)
(السَّابِعُ) الْقَلْبُ وَالْإِبْدَالُ فِي كَلِمَةٍ بِأُخْرَى ، وَفِي حَرْفٍ بِآخَرَ ، كما في قوله - تعالى - : ((وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا)) . [البقرة : 258] . (9)
وقد أشرت إلى هذه السبعة بقولي :
إِعْرَابُ اسْمٍ ، تَصْرِيفُ لُغَةِ أَفْعَالْ ... زِيَادَةُ نَقْصٍ تَرْتِيبُ قَلْبِ إِبْدَالْ (10)
ونقول إن أصحاب القراءات العشر (المتضمنة للأحرف السبعة) اشتهروا بهذه القراءات فقط ، فهي ليست من تأليفهم ، وإنما كانوا يختارون هذه الطرق الأدائية بناءً على ما تلقوه من شيوخهم عن النبي – ت 11 هـ صلى الله عليه وسلم - ، وهم قراء عشرة لأمصار خمسة :
(المدينة ومكة والبصرة والشام والكوفة)
المدنيان (نافع ت 169 هـ وأبوجعفر ت 130هـ) ،
والمكي (ابن كثير ت 120 هـ) ،
والبصريان (أبو عمرو ت 154 هـ ويعقوب ت 205 هـ) ،
والشامي (ابن عامر ت 118 هـ) ،
والكوفيون (عاصم ت 127 هـ وحمزة ت 156 هـ والكسائي ت 189 هـ وخلف العاشر ت 229 هـ) ، ولكل قارئ تلاميذ كثيرون ، لكن أفضلهم وأتقنهم راويان (عن القارئ بواسطة أوبغير واسطة) ، فيكون مجموع الروايات عشرين عند المشارقة ، واثنين وعشرين عند المغاربة ، كما سأوضح لك الآن بإذن الله في بيان الرواة .
رواة القراءات العشر هم :
1-قالون ت 220 هـ وورش ت 197 هـ عن نافع .
هذا هو المشهور لدى المشارقة ، لكن بعد البحث والتحقيق ظهر لنا أن هناك راوِيَيْنِ متقنين آخَرَيْن للإمام نافع ، يقرأ بهما بعض المغاربة بالأسانيد الصحيحة المتصلة ، وقد توافرت فيهما شروط القراءة الصحيحة بل والمتواترة ، إلا أنهما لم يأخذا حظهما من الشهرة كقالون وورش (11) ، وهما إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني (130 – 180 هـ رحمه الله) (12) ، وإسحاق بن محمد المُسَيَّبي المدني (ت 206 هـ رحمه الله) (13) .
2-ابن وردان ت 160 هـ وابن جماز ت 170 هـ عن أبي جعفر .
3-البزي ت 250 هـ وقنبل ت 291 هـ عن ابن كثير .
4-الدوري ت 246 هـ والسوسي ت 261 هـ عن أبي عمرو .
5-رويس ت 238 هـ ورَوْحٌ ت 235 هـ عن يعقوب .
6-هشام ت 245 هـ وابن ذَكْوَانَ ت 242 هـ عن ابن عامر .
7-شعبة ت 193 هـ وحفص ت 180 هـ عن عاصم .
8-خلف ت 229 هـ وخلاد ت 220 هـ عن حمزة .
9-أبو الحارث ت 240 هـ والدوري ت 246 هـ عن الكسائي .
10-إسحاق ت 286 هـ وإدريس ت 292 هـ عن خلف العاشر.
كما يمكننا أن نقسمهم تقسيمًا آخر ؛ فنقول : الابنان (ابن كثير وابن عامر) ، والأبوان (أبو عمرو وأبو جعفر) (14) ، والكوفيون (عاصم وحمزة والكسائي وخلف العاشر) والْعَيْنَانُ (نافع ويعقوب) (15) ، والله أعلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (2287) (2/851) ، (4706) (4/1909) ، (4754) (4/1923) ، (6537) (6/2541) ، (7111) (6/2744) ، وَمُسْلِمُ (818) (1/560) . وكانت هذه الواقعة في السنة التاسعة من الهجرة تقريبًا ، كما حققه شيخنا العلامة د.عبد الصبور شاهين - ت 1431 هـ رحمه الله - في كتابه "حديث عن القرآن" ص 37 ، وكان الأحرف الأشهر الذي قرأ به النبي - عليه السلام - طوال إحدى وعشرين سنة هو الحرف الذي اختاره الإمام نافع المدني - ت 169 هـ رحمه الله - بعد ذلك (أو هو أقرب الحروف إليه) ، ومن أجل هذا قال الإمام مالك - ت 179 هـ رحمه الله - "قراءة نافع سنة ، وقد حققت هذا في بحثي الموجز "البرهان الساطع على سنية ما قرأ به نافع" ، وهو رسالة ملحقة بكتابي "هداية اللطيف" .
(2) انظر الإتقان (1/164) .
(3) (قرأ يعقوب وحفص والشامي ونافع والكسائي بنصب أرجلكم عطفًا على الممسوح ؛ للترتيب كما قال الشافعي والحنابلة ، وقرأ الباقون بالخفض عطفًا على الممسوح ، والمقصود الرجلان فوقهما الخفان أو الجوربان الصفيقان ، وإن كان هناك آثار تدل على المسح على الرجلين فإن آخر الأمرين الغسل ، وهو الأصل ، قال ابن الجزري : (أَرْجُلِكُمْ نَصْبُ ظُبىً عَنْ كَمْ أَضَا ... رُدْ). (4) (قَرَأَهَا الْمَكِّيُّ بحذف الألف التي بعد النون: لأَمَانَتِهِمُ على الْإفراد ، وهو مصدر يراد به جنس الأمانة ، وقرأ الباقون بالجمع على إرادة كثرة الأمانات ، قال ابن الجزري: ... أَمَانَاتٍ مَعًا وَحِّدْ دَعَمْ) .
(5) (قرأ يعقوب : ربُّنَا بَاعَدَ على الابتداء والخبر ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام : ربَّنَا بَعِّدْ ، على حذف أداة النداء مع الدعاء بتضعيف الفعل ليدل على التكثير والتكرار ، والباقون كحفص على الدعاء مع تخفيف الفعل ، قال ابن الجزري : وَرَبَّنَا ارْفَعْ ظُلْمَنَا وَبَاعَدَا ... فَافْتَحْ وَحَرِّكْ عَنْهُ وَاقْصُرْ شَدِّدَا . حَبْرٌ لِوًى) .
(6) ومثال ذلك (وآتاكم) بالإمالة لحمزة والكسائي وخلف العاشر ، والتقليل للأزرق ، والإمالة لغة نجد من تميم وقيس وأسد ، والباقون بالفتح وهو لغة أهل الحجاز ، واختلف في أيهما الأصل ، ومثال الترقيق للأزرق (بصيرُ بما) ؛ لمناسبة ما قبلها ، والباقون بالتفخيم وهو الوجه الثاني للأزرق من الطيبة ، والتفخيم الأصل ، وهما لغتان ، ومثال التسهيل (ءَأَنْذَرْتَهُم) قَرَأَ قالون وأبو جعفر وأبو عمرو وهشام في وجه بتسهيل الهمزة الثانية وإدخال ألف بينهما.وقرأ ابن كثير ورويس والاصبهاني والأزرق في وجه بتسهيل الثانية من غير إدخال ويوافقهم حمزة وقفًا ، وقرأ الأزرق في وجهه الثاني بإبدال الثانية ألفًا مدّيّة مع الإشباع ، وقرأ هشام بوجهين آخرين : التحقيق مع الإدخال وعدمه ، وقرأ الباقون بالتحقيق بغير إدخال ، والتسهيل والإبدال تخفيفًا ، والتحقيق على الأصل ، وكلها لغات ، ومثال الإدغام (لَقَدْ صَدَقَ) أدغم الدال في الصاد أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف العاشر وهشام ؛ تخفيفًا ، والباقون بالإظهار على الأصل ، وهما لغتان . (خلاصة الفكر شرح طيبة النشر لإسماعيل الشرقاوي ص 11 منشور بملتقى التفسير والدرة المضية) .
(7) (قرأ المدنيان والشامي بدون فاء على أن ما الأولى موصولة (مبتدأ) والثانية خبر فلا تحتاج إلى فاء ، وهكذا رسم المصحف الشامي والمدني ، وأما الباقون فبالفاء على اعتبار أن ما الأولى شرطية والفاء واقعة في جواب الشرط ، وهكذا رسم مصاحف الكوفة ومكة والبصرة ، قال ابن الجزري : بِمَا فِي فَبِمَا مَعْ يَعْلَمَ . بِالرَّفْعِ عَمَّ).
(8) (قرأ حمزة والكسائي وخلف العاشر (فَيُقْتَلُونَ وَيَقْتُلُونَ) على أن الواو لا تفيد الترتيب ، والباقون كحفص على الترتيب ، قال ابن الجزري : قُتِّلوُا ... قَدِّمْ وَفِى التَّوْبَةِ أَخِّرْ يَقْتُلُوا . شَفَا) .
(9) (قرأ البصريان والمدنيان والمكي (نُنْشِرُهَا) أي نحييها من النَشْرِ ، والباقون كحفص من النَّشْزِ أي نرفعها ، قال ابن الجزري : وَرَا فِى نُنْشِزُ ... سَمَا) .
(10) وهي على الترتيب : اختلاف وجوه الإعراب ، واختلاف الأسماء ، واختلاف تصريف الأفعال ، واختلاف اللغات ، والاختلاف في الزيادة والنقص ، والاختلاف في التقديم والتأخير ، الاختلاف في القلب والإبدال .
(11) لمعرفة أدلة حجية هاتين الروايتين طالع مشكورًا كتابي "هداية اللطيف إلى طرق نافع العشرة من كتاب التعريف" الجزء الأول ، فستجد فيه ما يسرك بإذن الله .
(12) وأفضل الرواة عن إسماعيل اثنان : أ-أبو الزَّعْراء عبد الرحمن بن عَبْدُوسٍ البغدادي (ت سنة بضع وثمانين ومائتين رحمه الله) ، تلقى عن إسماعيل بواسطة . ب-أحمد بن فَرَح بن جبريل البغدادي الضرير المُفَسِّر (ت 303 هـ رحمه الله) ، تلقى عن إسماعيل بواسطة . والوسيط بين أبي الزعراء وابن فرح وبين إسماعيل هي أبو عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان الأَزْدِي الدوري النحوي – (150- 246 هـ) رحمه الله - .
(13) وأفضل الرواة عن إسحاق اثنان : أ-محمد بن إسحاق (ابنه ت 236 هـ رحمه الله) ، تلقى عن إسحاق مباشرة . ب-محمد بن سَعْدَان الكوفي النحوي الضرير (ت 231 هـ رحمه الله) ، تلقى عن إسحاق مباشرة . وقد قرأت القرآن الكريم كاملًا بالروايات الأربعة بطرقها العشر على شيخنا الفاضل مبارك الكركوري المغربي فأجازني ، وقد تلقى ذلك بطريقة الألواح على الشيخ المعمر علال بن إسماعيل العشراوي القاسمي العبدي ، عن السيد سعيد الجرموني العبدي المتوفى حول عام 1382 هـ ، وكلاهما تلقاها عن الشيخ إبراهيم ابن القاضي الماسي بمدرسة الباشا الجلاوي بالأسانيد المتصلة كما ذكرتها في "هداية اللطيف". والحمد الذي بنعمته تتم الصالحات .
(14) على اصطلاح الإمام ابن غلبون في كتابه التذكرة .
(15) وهما من ليسا أبوين ولا ابنين ولا كوفيين وفي اسم كل منهما حرف العين .
(2) انظر الإتقان (1/164) .
(3) (قرأ يعقوب وحفص والشامي ونافع والكسائي بنصب أرجلكم عطفًا على الممسوح ؛ للترتيب كما قال الشافعي والحنابلة ، وقرأ الباقون بالخفض عطفًا على الممسوح ، والمقصود الرجلان فوقهما الخفان أو الجوربان الصفيقان ، وإن كان هناك آثار تدل على المسح على الرجلين فإن آخر الأمرين الغسل ، وهو الأصل ، قال ابن الجزري : (أَرْجُلِكُمْ نَصْبُ ظُبىً عَنْ كَمْ أَضَا ... رُدْ). (4) (قَرَأَهَا الْمَكِّيُّ بحذف الألف التي بعد النون: لأَمَانَتِهِمُ على الْإفراد ، وهو مصدر يراد به جنس الأمانة ، وقرأ الباقون بالجمع على إرادة كثرة الأمانات ، قال ابن الجزري: ... أَمَانَاتٍ مَعًا وَحِّدْ دَعَمْ) .
(5) (قرأ يعقوب : ربُّنَا بَاعَدَ على الابتداء والخبر ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام : ربَّنَا بَعِّدْ ، على حذف أداة النداء مع الدعاء بتضعيف الفعل ليدل على التكثير والتكرار ، والباقون كحفص على الدعاء مع تخفيف الفعل ، قال ابن الجزري : وَرَبَّنَا ارْفَعْ ظُلْمَنَا وَبَاعَدَا ... فَافْتَحْ وَحَرِّكْ عَنْهُ وَاقْصُرْ شَدِّدَا . حَبْرٌ لِوًى) .
(6) ومثال ذلك (وآتاكم) بالإمالة لحمزة والكسائي وخلف العاشر ، والتقليل للأزرق ، والإمالة لغة نجد من تميم وقيس وأسد ، والباقون بالفتح وهو لغة أهل الحجاز ، واختلف في أيهما الأصل ، ومثال الترقيق للأزرق (بصيرُ بما) ؛ لمناسبة ما قبلها ، والباقون بالتفخيم وهو الوجه الثاني للأزرق من الطيبة ، والتفخيم الأصل ، وهما لغتان ، ومثال التسهيل (ءَأَنْذَرْتَهُم) قَرَأَ قالون وأبو جعفر وأبو عمرو وهشام في وجه بتسهيل الهمزة الثانية وإدخال ألف بينهما.وقرأ ابن كثير ورويس والاصبهاني والأزرق في وجه بتسهيل الثانية من غير إدخال ويوافقهم حمزة وقفًا ، وقرأ الأزرق في وجهه الثاني بإبدال الثانية ألفًا مدّيّة مع الإشباع ، وقرأ هشام بوجهين آخرين : التحقيق مع الإدخال وعدمه ، وقرأ الباقون بالتحقيق بغير إدخال ، والتسهيل والإبدال تخفيفًا ، والتحقيق على الأصل ، وكلها لغات ، ومثال الإدغام (لَقَدْ صَدَقَ) أدغم الدال في الصاد أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف العاشر وهشام ؛ تخفيفًا ، والباقون بالإظهار على الأصل ، وهما لغتان . (خلاصة الفكر شرح طيبة النشر لإسماعيل الشرقاوي ص 11 منشور بملتقى التفسير والدرة المضية) .
(7) (قرأ المدنيان والشامي بدون فاء على أن ما الأولى موصولة (مبتدأ) والثانية خبر فلا تحتاج إلى فاء ، وهكذا رسم المصحف الشامي والمدني ، وأما الباقون فبالفاء على اعتبار أن ما الأولى شرطية والفاء واقعة في جواب الشرط ، وهكذا رسم مصاحف الكوفة ومكة والبصرة ، قال ابن الجزري : بِمَا فِي فَبِمَا مَعْ يَعْلَمَ . بِالرَّفْعِ عَمَّ).
(8) (قرأ حمزة والكسائي وخلف العاشر (فَيُقْتَلُونَ وَيَقْتُلُونَ) على أن الواو لا تفيد الترتيب ، والباقون كحفص على الترتيب ، قال ابن الجزري : قُتِّلوُا ... قَدِّمْ وَفِى التَّوْبَةِ أَخِّرْ يَقْتُلُوا . شَفَا) .
(9) (قرأ البصريان والمدنيان والمكي (نُنْشِرُهَا) أي نحييها من النَشْرِ ، والباقون كحفص من النَّشْزِ أي نرفعها ، قال ابن الجزري : وَرَا فِى نُنْشِزُ ... سَمَا) .
(10) وهي على الترتيب : اختلاف وجوه الإعراب ، واختلاف الأسماء ، واختلاف تصريف الأفعال ، واختلاف اللغات ، والاختلاف في الزيادة والنقص ، والاختلاف في التقديم والتأخير ، الاختلاف في القلب والإبدال .
(11) لمعرفة أدلة حجية هاتين الروايتين طالع مشكورًا كتابي "هداية اللطيف إلى طرق نافع العشرة من كتاب التعريف" الجزء الأول ، فستجد فيه ما يسرك بإذن الله .
(12) وأفضل الرواة عن إسماعيل اثنان : أ-أبو الزَّعْراء عبد الرحمن بن عَبْدُوسٍ البغدادي (ت سنة بضع وثمانين ومائتين رحمه الله) ، تلقى عن إسماعيل بواسطة . ب-أحمد بن فَرَح بن جبريل البغدادي الضرير المُفَسِّر (ت 303 هـ رحمه الله) ، تلقى عن إسماعيل بواسطة . والوسيط بين أبي الزعراء وابن فرح وبين إسماعيل هي أبو عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان الأَزْدِي الدوري النحوي – (150- 246 هـ) رحمه الله - .
(13) وأفضل الرواة عن إسحاق اثنان : أ-محمد بن إسحاق (ابنه ت 236 هـ رحمه الله) ، تلقى عن إسحاق مباشرة . ب-محمد بن سَعْدَان الكوفي النحوي الضرير (ت 231 هـ رحمه الله) ، تلقى عن إسحاق مباشرة . وقد قرأت القرآن الكريم كاملًا بالروايات الأربعة بطرقها العشر على شيخنا الفاضل مبارك الكركوري المغربي فأجازني ، وقد تلقى ذلك بطريقة الألواح على الشيخ المعمر علال بن إسماعيل العشراوي القاسمي العبدي ، عن السيد سعيد الجرموني العبدي المتوفى حول عام 1382 هـ ، وكلاهما تلقاها عن الشيخ إبراهيم ابن القاضي الماسي بمدرسة الباشا الجلاوي بالأسانيد المتصلة كما ذكرتها في "هداية اللطيف". والحمد الذي بنعمته تتم الصالحات .
(14) على اصطلاح الإمام ابن غلبون في كتابه التذكرة .
(15) وهما من ليسا أبوين ولا ابنين ولا كوفيين وفي اسم كل منهما حرف العين .
ليست هناك تعليقات: